ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أحمد جميل المروزي ثنا عبد الله بن المبارك أنا معمر عن يونس عن الزهري أخبرني أنس بن مالك أن المسلمين بينما هم في صلاة الفجر يوم الاثنين وأبو بكر يصلي لهم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجر عائشة فنظر إليهم وهم صفوف في صلاتهم، ثم تبسم ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة، وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاته فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه، فأشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اقضوا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر بينه وبينهم وتوفي في ذلك اليوم.
قال: أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر وهو في بيت ميمونة حتى أغمي عليه من شدة الوجع، فاجتمع عنده نسوة من أزواجه والعباس بن عبد المطلب وأم سلمة وأسماء بنت عميس الخثعمية وهي أم عبد الله بن جعفر وأم الفضل بنت الحارث وهي أخت ميمونة، فتشاوروا في رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أغمي عليه فلدوه وهو مغمر، فلما أفاق قال: من فعل هذا؟ قالوا: يا رسول الله! عمك العباس، قال: هذا عمل نساء جئن من ههنا وأشار إلى أرض الحبشة، فقالوا: يا رسول الله! أشفقن أن يكون بك ذات الجنب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كان الله ليعذبني بذلك الداء، ثم قال: لا يبقين أحد في الدار إلا لد إلا العباس.
فلما ثقل برسول صلى الله عليه وسلم العلة استأذنت عائشة أزواجه أن تمرضه في بيتها فأذن لها، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين تخط رجلاه في الأرض: بين عباس وعلي، حتى دخل بيت عائشة، فلما دخل بيتها اشتد وجعه فقال: أهريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي أعهد إلى الناس، فأجلسوه في مخضب لحفصة ثم صب عليه من تلك القرب حتى جعل يشير إليهن بيده أن فعلتن، ثم قال: ضعوا لي في المخضب ماء، ففعلوا فذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق قال: وضعوا لي في المخضب ماء. ففعلوا، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه فأفاق وقال: أصلى الناس بعد؟ قالوا: لا يا رسول الله وهم ينتظرونك، والناس عكوف ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي بهم العشاء الآخرة، فقال: مروا أبا بكر أن يصلي بالناس، فقالت عائشة: يا رسول الله! إن أبا بكر رجل رقيق وإنه إذا قدم مقامك بكى، فقال: مروا أبا بكر يصلي بالناس، ثم أرسل إلى أبا بكر فأتاه الرسول فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر: يا عمر، صل بالناس. فقال: أنت أحق، إنما أرسل إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام.
ثم وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج لصلاة الظهر بين العباس وعلي وقال لهما: أجلساني عن يساره، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس والناس يصلون بصلاة أبي بكر، ثم وجد خفة صلى الله عليه وسلم فخرج فصلى خلف أبي بكر قاعدا في ثوب واحد ثم قام وهو عاصب رأسه بخرقة حتى صعد المنبر ثم قال: والذي نفسي بيده! إني لقائم على الحوض الساعة، ثم قال: إن عبدا عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة، فلم يفطن لقوله إلا أبو بكر فذرفت عيناه وبكى وقال: بأبي وأمي! نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا وأموالنا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمن الناس علي في بدنه ودينه وذات يده أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام، سدوا كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر، ثم نزل ودخل البيت وهي آخر خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما كان يوم الاثنين كشف الستارة من حجرة عائشة والناس صفوف خلف أبي بكر وكأن وجهه ورقة مصحف فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليهم أن مكانكم وألقى السجف وتوفي آخر ذلك اليوم، وكان ذلك اليوم لاثنتي عشرة خلون من شهر ربيع الأول.
وكان مقامه بالمدينة عشر حجج سواء، وكانت عائشة تقول: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ويومي وبين سحري ونحري، وكان أحدنا بدعاء إذا مرض فذهبت أعوذ فرفع رأسه إلى السماء وقال: في الرفيق الأعلى ومر عبد الرحمن ابن أبي بكر وفي يده جريدة خضراء رطبة فنظر إليه، فظننت أن له بها حاجة فأخذتها فمضغت رأسها ثم دفعتها إليه فاستن بها ثم ناولنيها وسقطت من يده، فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة.
وكان أبو بكر في ناحية المدينة فجاء فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى، فوضع فاه على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يقبله ويبكي ويقول: بأبي وأمي! طبت حيا وطبت ميتا! فلما خرج ومر بعمر بن الخطاب وعمر يقول: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يموت حتى يقتل المنافقين ويخزيهم! وكانوا قد رفعوا رؤسهم لما رأوا أبا بكر فقال أبو بكر لعمر: أيها الرجل! اربع على نفسك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، ألم تسمع الله يقول: إنك ميت وإنهم ميتون، وقال: وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون، ثم أتى أبو بكر المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن كان محمد إلهكم الذي تعبدون فإن إلهكم قد مات، وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم لم يمت، ثم تلا وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ـ حتى ختم الآية، وقد استيقن المؤمنون بموت محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد كان لعبد المطلب بن هاشم من الأولاد ستة عشرا ولدا: عشرة ذكور، منهم تسعة عمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم وواحد والد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وست من الإناث عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأما أولاد عبد المطلب الذكور منهم: عبد الله بن عبد المطلب والد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والزبير بن عبد المطلب، وأبو طالب بن عبد المطلب، والعباس ابن عبد المطلب، وضرار بن عبد المطلب، وحمزة بن عبد المطلب، والمقوم بن عبد المطلب، وأبو لهب بن عبد المطلب، والحارث بن عبد المطلب، والغيداق بن عبد المطلب.
فأما عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن ولد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ذكر ولا أنثى، وتوفي قبل أن يولد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما الزبير بن عبد المطلب فكنيته أبو الطاهر، من أجلة القريش وفرسانها من المبارزين، وكان متعالما يقول الشعر فيجيد.
وأما أبو طالب بن عبد المطلب فإن اسمه عبد مناف، وكان هو وعبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم واحدة وكان أبو طالب وصى عبد المطلب لابنه في ماله بعده وفي حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده على من كان يتعهده عبد المطلب في حياته، ومات أبو طالب قبل أن يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين وأربعة أشهر.
وأما العباس فكنيته أبو الفضل، وكان إليه السقاية وزمزم في الجاهلية فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دفعها إليه يوم الفتح وجعلها إليه، ومات العباس بن عبد المطلب سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان.
وأما ضرار فإنه كان يقول الشعر ويجيده، ومات قبل الإسلام ولا عقب له.
وأما حمزة فكنيته أبو ليلى، وقد قيل: أبو عمارة، واستشهد يوم أحد، قتله وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم في شوال سنة ثلاث من الهجرة، وكان حمزة أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين.
وأما المقوم فكان من رجالات قريش وأشدائها، هلك قبل الإسلام ولم يعقب.
وأما أبو لهب فإن اسمه عبد العزى وكنيته أبو عتبة، وإنما كني أبا لهب لجماله، وكان أحول، يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين عمومته ويظهر له حسده إلى أن مات عليه.
وأما الحارث ـ وهو أكبر ولد عبد المطلب ـ اسمه كنيته، وهو ممن شهد حفر زمزم مع عبد المطلب قديما.
وأما الغيداق فإنه كان من أسد قريش وأجلادها، ومات قبل الوحي ولم يعقب.
وأما بنات عبد المطلب فإن إحداهن عاتكة بنت عبد المطلب، وأميمة بنت عبد المطلب، والبيضاء وهي أم حكيم، وأروى بنت عبد المطلب، وصفية بنت عبد المطلب، وبرة بنت عبد المطلب.
وأما عاتكة فإنها كانت عند أبي أمية بن المغيرة المخزومي.
وأما أميمة فإنها كانت عند جحش بن رئاب الأسدي.
وأما البيضاء فإنها كانت عند كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس.
وأما صفية فكانت عند العوام بن خويلد بن أسد.
وأما برة فإنها كانت عند عبد الأسد بن هلال المخزومي.
وأما أروى فكانت عند عمير بن عبد مناف بن قصي.
ولم يسلم من عمات النبي صلى الله عليه وسلم إلا صفية، وهي والدة الزبير بن العوام، وتوفيت صفية في خلافة عمر بن الخطاب ـ فهذا ما يجب أن يعلم من ذكر عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بمكة قبل الوحي ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس وعشرين سنة، وكانت خديجة قبله تحت عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم، وولد له منها أولاده إلا إبراهيم، وتوفيت خديجة بمكة قبل الهجرة.
ثم تزوج بعد موت خديجة سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبدود ابن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وأمها الشموس بنت قيس بن زيد بن عمرو بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمها وقدان بن عبد شمس، وكانت قبل ذلك تحت السكران بن عمرو أخي سهيل بن عمرو من بني عامر بن لؤي، وكانت امرأة ثقيلة ثبطة، وهي التي وهبت يومها لعائشة وقالت: لا أريد مثل ما تريد النساء، وتوفيت سودة سنة خمسين.
ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة الصديق في شوال وهي ينت ست، وبنى وهي بنت وهي بنت تسع بعد الهجرة، وتوفيت عائشة ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة سبع وخمسين، وصلى عليها أبو هريرة، ودفنت بالبقيع، ولم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا غيرها.
ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر بن الخطاب في شعبان، وأمها زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح وكانت قبل ذلك تحت خنيس ابن حذافة بن قيس، وذلك في سنة ثلاث من الهجرة، وتوفيت حفصة بنت عمرو سنة خمس وأربعين.
ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه السنة في شهر رمضان زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة التي يقال لها: أم المساكين، وكانت قبله تحت الطفيل بن الحارث، وهي أول من لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم من نسائه.
ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الرابعة من الهجرة أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وماتت أم سلمة سنة تسع وخمسين.
ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة خمس زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، وكانت قبل ذلك عند زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفيت زينب هذه سنة عشرين.
ثم اصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي بن أخطب في سنة سبع وهي من بني إسرائيل، وكانت قبله عند كنانة بن أبي الحقيق، سباها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاصطفاها وكانت ممن اصطفاها وأعتقها وتزوج بها، وماتت صفية بنت حيي سنة خمسين.
ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر هذه السنة أم حبيبة بنت أبي سفيان من حرب، وكانت قبله تحت عبيد الله بن جحش، وكانت بأرض الحبشة مع زوجها مهاجرة فمات زوجها عبيد الله بن جحش، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ليخطبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان وليها في تلك الناحية إذ كان سلطانا ولم يكن ولى بتلك الناحية، والسلطان ولي من لا ولي له، وكان الذي تولى الخطبة عليها والسعي في أمرها سعيد بن العاص، وكان وليها حينئذ بالبعد، فخرجت أم حبيبة مع جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وماتت أم حبيبة سنة أربع وأربعين.
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهرم بن رويبة بن عبد الله بن عامر بن صعصعة، وكانت قبله تحت أبي رهم بن عبد العزى من بني عامر بن لؤي، وماتت ميمونة سنة ثمان وثمانين، وهي خالة عبد الله بن عباس، لأن أم عباس أم الفضل أخت ميمونة.
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية ـ وكانت قبله عند صفوان بن تميم ـ سباها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فصارت لثابت بن قيس بن الشماس، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقها، وتوفيت جويرية في شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين، فصلى عليها مروان بن الحكم.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان الجونية ولم يدخل بها، ثم طلقها وردها إلى أهلها.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة بنت يزيد الكلابية، وطلقها قبل أن يدخل بها.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابية فاستعاذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعوذت بعظيم فالحقي بأهلك.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ريحانة بنت عمرو القرظية فرأى بها بياضا قدر الدرهم ثم طلقها ولم يدخل بها، فماتت بعد ذلك بأربعة أشهر.
وقد أعطى المقوقس ملك الإسكندرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم جارية يقال لها مارية القبطية، فأولدها رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم ابنه.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا يوم خرج وعنده تسع نسوة: عائشة بنت أبي بكر الصديق، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وسودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس، وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وزينب بنت جحش بن رئاب، وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة، وميمونة بنت الحارث بن حزن، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، وصفية بنت حيي بن أخطب.
وأما أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم كلهم من خديجة بنت خويلد بن أسد إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية.
وأما أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأولهم عبد الله وهو أكبرهم والطاهر والطيب والقاسم، وقد قيل: إن عبد الله هو الطاهر وهو أول مولود ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قالت قريش: صار محمد أبتر لأن ابنه توفي، أنزل الله إن شانئك هو الأبتر.
وبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب وأم كلثوم ورقية وفاطمة رضي الله عنهن، فأما زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي العاص بن الربيع، فولدت له أمامة بنت أبي العاص وهي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو رافعها على عاتقه فإذا ركع وضعها وإذا قام رفعها، وماتت أمامة ولم تعقب.
وأما رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت عند عتبة بن أبي لهب.
وأما كلثوم فكانت عند عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت تبت يدا أبي لهب أمرهما أبوهما ان يفارقاهما، حينئذ لم يحرم الله تزويج المسلمين من نساء المشركين ولا حرم على المسلمات أن يتزوجهن المشركون، ثم حرم الله ذلك على المسلمين والمسلمات.
ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية بنته عثمان بن عفان ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة،و خرجت معه إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك عبد الله بن عثمان وبه يكنى عثمان، ثم توفيت رقية عند عثمان بن عفان مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر، ودفنت بالمدينة، وذلك أن عثمان استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلف عند خروجه إلى بدر لمرض ابنته رقية، وتوفيت رقية يوم قدوم زيد بن حارثة العقيلي من قبل يوم بدر.
ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ابنته أم كلثوم، فماتت ولم تلد.
وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة علي بن أبي طالب بالمدينة، فولدت من علي الحسن والحسين ومحسنا وأم كلثوم وزينب، ليس لعلي من فاطمة إلا الخمس.
فأما أم كلثوم فزوجها علي من عمر، فولدت لعمر زيدا ورقية، وأما زيد فأتاه حجر فقتله، وأما رقية بنت عمر فولدت لإبراهيم بن نعيم بن عبد الله النحام جارية فتوفيت ولم تعقب.
وأما زينب بنت علي فولدت لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب جعفرا ـ وكان يكنى به ـ الأكبر وأم كلثوم وأم عبد الله.
وكان ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقات حتى توفي عدي بن حاتم على قومه، ومالك بن نوبرة على بني الحنظلة، وقيس بن عاصم على بني منقر، والزبرقان بن بدر على بني سعد، وكعب بن مالك بن أبي القيس على أسلم وغفار وجهينة، والضحاك بن سفيان على بني كلاب،و عمرو بن العاص على عمان، والمهاجر بن أبي أمية على صنعاء، وزياد بن لبيد على حضرموت.